شهر الفرقان

تاريخ النشر :١٦ يوليو ٢٠١٤

أحداث كثيرة، ومعارك عديدة وقعت في رمضان، لم تهدأ المواجهات بين أعداء الحق ودعاة الإسلام.
والإسلام لا يحمل الناس على الدخول فيه، فهو ليس في حاجة إلى الكم، بل هو في حاجة إلى الكيف ولأن الكيف لا يأتي بالسيف فلم يجبر الإسلام أحداً على الدخول فيه لأن حقه واضح بين، وباطل خصومه واضح ايضا وبين وإن حاولوا تزييفه، وتحسينه وتجميله، إلا أنه يظل باطلا سرعان ما ينكشف أمره، ويظهر قبحه.
الإسلام يقول: «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» سورة البقرة-256. ويقول: «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..» سورة الكهف-29. وكل مواجهات الإسلام وحروبه كانت مع الأنظمة وليست مع الشعوب؛ لأن الأنظمة تقف في طريقه، وتحول بينه وبين الوصول إلى الناس، ولأن الأنظمة هي التي تملك العدد والعدة أما الشعوب فمغلوبة على أمرها، والإسلام يريد أن يزيل الطغاة من طريقه ويتركون له حرية الدعوة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر؛ لأن حجته ظاهرة، وبرهانه ساطع، ولأن رشده بين وغي خصومه بين ايضا.
إذا، فمعارك الحق التي قادها الاسلام كانت مع الأنظمة الحاكمة الباغية، وكما قال الصحابي الجليل ربعي بن عامر (رضي الله عنه) لقائد الفرس رستم حينما سأله: ما الذي جاء بكم إلينا؟
قال له في يقين المؤمن، وإيمان الواثق: إن الله تعالى إبتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
كلمات لو وزنت بمثاقيل الذهب والفضة لرجحتها، إنها نور من أنوار النبوة التي اخذوها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
نعم نحن أمة البلاغ، وأمة الرسالة ولا بد لنا من أن نواجه أعداء الحق من القياصرة والأكاسرة وأن نزيحهم عن طريق الدعوة ثم نترك للناس الخيار الحر في أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا، تلك مهمتنا، وهذه هي غايتنا التي أخرجنا من أجلها: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» (سورة آل عمران/ 110). في رمضان التقى أهل الحق مع أهل الباطل في معركة فاصلة نصر الله تعالى فيها عباده المؤمنين في معركة كانت حدثا مدويا أسس لقيام الدولة الإسلامية العظيمة في المدينة.
غزوة بدر الكبرى وقعت في رمضان في السابع عشر منه‘ انتصر فيها المسلمون على الكفار في اعداد وعدة غير متكافئة، فالمسلمون عددهم لا يزيد على الثلاثمائة إلا بقليل، والكفار عددهم ثلاثة أضعاف المسلمين، وعدة المسلمين قليلة لا تكاد تذكر، أما الكفار فقد جاءوا بعدة وخيل ومؤن كثيرة، ورغم ذلك نصر الله تعالى القلة المؤمنة على الكثرة الكافرة ليزرع الأمل حدائق ذات بهجة في صدور المؤمنين، ويؤمنوا أن النصر بيد الله تعالى وإن قلت الأعداد، وشحت العدة.
فتح مكة (العظيم) أيضا حدث في رمضان، وغزوات كثيرة حدثت في رمضان أو كان الاستعداد بها والتفكير والتخطيط لها وفيها كان في رمضان.
إذا، فرمضان هو شهر الفرقان الذي فرق بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، والرشد والغي في رمضان علت رايات النصر خفاقة، وتهللت وجوه المؤمنين فرحاً وبشراً بهذا النصر، وآلوا على أنفسهم ألا يدعوا موقفا ولا معركة يستطيعون فيهما نصر الإسلام، والذود عن حياضه إلا شاركوا فيها وسطروا ملاحم من البطولة والانتصار على النفس.

أضف تعليق